📁 آخر الأخبار

القلب و أمراضه

القلب و أمراضه 


القلب مضخة عضلية فريدة, تستمر العمر بأكملة في الخفقان فإذا هي توقفت توقف كل شيئ

لم يعد القلب في أيامنا هذه موطنا متميزا - للعواطف والأهواء. فقد أصبحت دراسة وظائفه الفزيولوجية تستفيد من التقنيات الأكثر حداثة الأمر الذي مكن من فهم أفضل للأمراض التي تلم به. إن القلب عبارة عن عضلة جوفاء على شکل مخروط بحجم قبضة اليد. وهو يقع داخل القفص الصدري، بين الرئتين، خلف عظم القص Sternum . وينقسم بواسطة حاجز يدعى السبتون Septum) إلى قسمين هما القلب الأيمن والقلب الأيسر. ويتشكل القلب الأيمن من الأذين والبطين الأيمنین، اللذين يتصلان فيما بينهما بواسطة الصمام الثلاثي valvule tricuspide . أما الأذين والبطين الأيسرين فيتصلان فيما بينهما بواسطة الصمام التاجي Valvule mitrale. وتقوم الشرايين التاجية بتزويد عضلة القلب بالدم، وبإمداده بالأكسجين الضروري.

الفيزيولوجيا القلبية

إن القلب مضخة عضلية من الدورة الدموية. وتتمثل وظيفة القلب الأيمن في ضخ دم الأوردة المفتقر إلى الأكسجين، والقادم من مختلف أعضاء الجسم، باتجاه الرئتين. ويصل دم الأوردة إلى الأذين الأيمن بواسطة الوريدين الأجوفين ، العلوي والسفلي. وخلال الطور الخاص بانبساط البطينين (diastole) ، ينفتح الصمام الثلاثي، فيمر الدم إلى البطين الأيمن. وعندما يمتلئ هذا الأخير، ينقبض (systole)، فينغلق الصمام الثلاثي، مانعا الدم من العودة إلى الأذين الأيمن وفي نفس الوقت ينفتح الصمام السيغمي الرئوي الذي يفصل البطين الأيمن عن الشريان الرئوي فيندفع الدم إلى الرئتين. وفي الشعيرات الرئوية، آخر متفرعات الشرايين لا يعود يفصل الدم عن هواء الحويصلات الرئوية سوی جال paroi دقيق للغاية (بضعة أجزاء من الألف من الميليمتر)، يتم عبره تبادل الغازات. وتؤدي عملية التبادل الغازي هذه ، التي تتم على مستوى الرئتين، إلى تنقية الدم، وإشباعه بالأكسجين. بعد ذلك، تقوم الأوردة الرئوية بإرجاع الدم المؤكسج ، ذي الحمرة الفاقعة، إلى الأذين الأيسر. وينفتح الصمام التاجي، فيمتلئ البطين الأيسر. ويؤدي الانقباض البطيني، الذي يعقب مرحلة الامتلاء هذه، إلى إغلاق الصمام التاجي، ويدفع الدم بقوة في الأورطى، أو الشريان الأبهرAlorte، الذي تنطلق منه كافة الشرايين التي تزود مختلف أعضاء الجسم بالدم . وبإمكان الطبيب الإنصات بسماعته لصوتين مختلفين، ناجمين عن حركة الصمامات القلبية. وهما صوتان خافتان، يفصل بينهما صمت قصير.

وينتج الصوت الأول عن الانغلاق المتزامن للصمامين الأذيني والبطيني (الثلاثي والتاجي). أما الصوت الثاني فهو ناتج عن انغلاق الصمامين الرئوي والوتیني. فالبطينان ينقبضان وينبسطان معا في نفس الوقت. هكذا، إذن، يشتغل القلب بمعدل 70 أو 80 خفقة في الدقيقة الواحدة، طيلة حياة الإنسان. ومعنى هذا أن القلب يكون قد خفق أزيد من مليارين ونصف مليار مرة، لدى شخص بلغ السبعين من عمره.

الآلية القلبية

إن الخاصية الجوهرية التي تميز العضلة القلبية عن باقي العضلات الأخرى هي أنها تنقبض بكيفية آلية. وهذه الآلية ناتجة عن جهاز يتكون من «بطاريتين» تشحنان وتفرغان تلقائيا ، ومن مجموعة من «الأسلاك الكهربائية» تتمثل في ما يعرف بالنسيج العقدي Le tissu nodal. توجد البطارية الأولى في جنبة الأذين الأيمن. وهي تفرغ 120 مرة في الدقيقة. ويؤمن التيار الكهربائي الذي تنتجه انقباض الأذينين.

أما البطارية الثانية (العقدة الأذينية - البطينية) فتقع بقاعدة الفاصل الذي يوجد بين الأذينين. وآليتها محجوبة عموما بالية العقدة الجيبية، ذات التواتر الأسرع، والتي تبدو وكأنها الناظمة «pace maker» الحقيقية الإيقاع القلب. وينتقل التيار الكهربائي بعد ذلك بواسطة «حزمة هيس His » التي تتشعب في الفاصل الذي يوجد بين البطينين إلى فرعين، أيمن وأيسر. وتقوم شبكة دقيقة من «الأسلاك الكهربائية» (شبكة پورکینیي Purkinje) بتوزيعه على العضلة القلبية، فيؤدي التيار المتولد عن ذلك إلى انقباض البطينين. ويقوم النسيج العقدي بتأمين اشتغال ذاتي للقلب. وهذه الآلية تخضع لمراقبة الجهاز العصبي المستقل (الألياف الودية المستثيرة والألياف اللاودية الكابحة) الذي يمكن من تکییف دفق القلب مع الحاجيات العضوية. وعلى هذا النحو ترتفع وتيرة نبض القلب، أثناء الجهد العضلی، فتؤدي إلى تدفق المزيد من الدم باتجاه العضلات.

تقنيات الاستكشاف الحديثة

·         تقوم المخطاطية الكهربائية للقلب l'électrocardiographie بتسجيل النشاط الكهربائي للقلب، عن طريق وضع إلكترودات فوق البشرة، في أماكن مختلفة من الجسم. ويقوم مقياس غلفاني galvanometre جهاز يقيس شدة التيار) بتسجيل هذا النشاط على شريط من الورق. وتمكن هذه التقنية من تشخيص العديد من الأمراض (احتشاء العضلة القلبية infarctus du myocarde، مثلا، الذي يتم تشخيصه من خلال ما يترتب عنه من تغييرات كهربائية مميزة).

·          أما المخطاطية الصوتية للقلب فهي تقوم بتسجيل تذبذبات أصوات القلب.وهي تمكن من دراسة الأصوات غير السوية على نحو أفضل من ذلای الذي تقوم به الأذن البشرية.

·         القثطرة catheterisme. وتتمثل في إدخال قطار catheter في شريان أو ورید محیطی تحت مراقبة منظارية، داخل التجويفات القلبية. وهي عملية تمكن، بالإضافة إلى دراسة الضغط، من حقن مادة عتمة بالنسبة لأشعة السينية التصوير القلب والأوعية angiocardiographie) .

·         و تمكن مخطاطية القلب الكهربائية ذات التضخيم العالي، بفضل عد الإشارات القلبية من استكشاف الأعراض المرضية التي لا تظهر على التخطيط القلبي الكهربائي العادي. و أما تصویر القلب بالموجات فوق الصوتية فإنه يقدم صورة عن القلب، وعن النشاط القلبي. وقد أتاحت هذه الطرق المختلفة مقاربة أفضل الأمراض القلب.

أمراض القلب الخلقية

 إن أمراض القلب الخلقية هي عبارة عن تشوهات في القلب، تكون موجودة منذ الولادة. فمن هذه الأمراض الخلقية الضمور الشديد للأوعية الدموية المرتبطة بالقلب. وفي حالات أخرى تكون هذه الأوعية في مكان غير مكانها الطبيعي. وثمة حالات خلقية تتمثل في وجود ثقب في الفاصل الموجود بين الأذينين أو بين البطينين. مما يؤدي إلى تمازج الدم الشرياني (المشبع بالأكسجين) بالدم الوريدي. ويمكن أن تكون الصمامات التي تفصل الأذينين عن البطينين، أو تلك التي تفصل البطينين عن الشرايين، مصابة بنقص يتمثل في عدم انغلاقها أو انفتاحها بشكل كاف، خلال انقباض القلب وانبساطه ( تقلص الصمام أو قصوره ). وغالبا ما تكون هذه التشوهات مجتمعة بأشكال مختلفة ومتنوعة. فرباعية فالو tetrade de Fallot مثلا، تجمع على هذا النحو اتصالا ناقصا ما بين البطينين وتقلصا في الشريان الرئوي و شریانا أبهر مرتبطا بالبطينين معا، وتضخما في البطين الأيمن.

الأمراض المكتسبة

مازالت الأمراض القلبية الناتجة عن الروماتيزم المفصلي الجاد منتشرة بين عدد كبير من الناس. فبعد مرور بضعة أيام على الإصابة بالتهاب اللوزتين، الناجم عن مكروبات تسمى المكورات العقدية streptocoques ، تظهر لدى المصاب آلام في مفاصله التي تصبح حمراء ومتورمة. والتهاب المفاصل هذا يزول بسرعة، وبكيفية تلقائية. لكن الخطر الأكبر يتمثل في إمكانية إصابة مختلف الأغشية القلبية: التامور pericarde (وهو الغشاء الذي يحيط بالقلب)، أو عضلة القلب myocarde ، أو الشغاف endocarde (وهو الغشاء الباطني). وعندئذ تصير الصمامات القلبية عرضة لالتهابات مزمنة قد ينجم عنها تقلص أو قصور وظيفي. يكن الفحص الطبي، الذي يجريه طبيب مختص، من تشخيص هذه الإصابة الصمامية بسهولة . ويأتي الصمام التاجي في مقدمة الصمامات التي تتعرض لهذا الالتهاب المزمن. مما يؤدي، في مرحلة أولى، إلى حدوث بطء في سرعة الدورة الدموية، (مع خطر التعرض للإصابة بأوديما رئوية حادة ، وفي مرحلة ثانية إلى القصور القلبي.

• يمثل الاحتشاء القلبي آفة حقيقية من آفات العصر الحديث. وهو مرض ناتج عن ترسبات الدهن والكالسيوم : بالشرايين التاجية، ينجم عنه عدم توصل العضلة القلبية بما هي في حاجة إليه من الأكسجين. وتتجلى هذه الإصابة، أول الأمر، على شكل ألم حاد أثناء القيام بجهد عضلي ما. وهو ما يعرف بالذبحة الصدرية angine de poitrine. وفي هذه الحالة يمكن أن يحدث انسداد تام بأحد الشرايين التاجية. وهو أمر يؤدي إلى الوفاة، أو إلى حدوث انتخار nécrose في العضلة القلبية. ويمكن لتصلب الشرايين أن يصيب كافة شرايين الجسم بعد سن الخمسين. وأهم العوامل المهيئة الحدوث هذا المرض هي إدمان التدخين والسمنة، والسكري، وارتفاع الضغط الشرياني. وغالبا ما يؤدي الاحتشاء القلبي إلى اضطرابات في إيقاع القلب. وهي اضطرابات تنجم عن إصابة النسيج العقدي، مما يتسبب في عدم انتظام الخفقان، الذي يصبح سريعا أو بطيئا بشكل مفرط.


تعليقات