الامراض الخطيرة التي تصيب الاطفال الرضع.
الامراض الخطيرة التي تصيب الاطفال الرضع.
I. أمراض الطفولة
مع ظهور تقنية التلقيح، لم يعد الآباء يخشون على أطفالهم من تلك الأمراض التي كانت تثير الرعب في الأزمنة الماضية. وللأسف فإن أطفال البلدان النامية لا يستفيدون كلهم من هذه التقنية الوقائية الفعالة.
إن المقصود بأمراض الطفولة هو مجموع الأمراض الشائعة، والمعدية في غالبيتها، التي يتعرض لها الإنسان في تلك المرحلة المبكرة من حياته. ولحسن الحظ، فإن التلقيح قد ساهم مساهمة فعالة في الوقاية من بعض هذه الأمراض.
1. الحصبة الألمانية.
يتميز مرض الحصبة Rougeole بطفح جلدي. وهذا الطفح عبارة عن بقع حمراء أو وردية. وهو لا يظهر إلا بعد بضعة أيام على بداية المرض. وقبل ظهوره يبدو الطفل كما لو كان مصابا بزکام حاد. إثر ذلك تصير الأعراض الجلدية جلية على مستوى الوجه، قبل أن تنتشر تدريجيا بالجسم، من أعلى إلى أسفل. وترتفع حرارة الطفل، أثناء ذلك، بكيفية ملحوظة. وقد يؤدي مرض الحصبة إلى مضاعفات (أوعقابیل) ذات خطورة. خاصة في الأوساط الاجتماعية الفقيرة، حيث ينتشر الجهل وسوء التغذية. وبطبيعة الحال، فإن العلاج الطبي سوف يمكن من تفادي المضاعفات. غير أن الحل الأمثل هو التلقيح في مرحلة مبكرة من الحياة.
2. السعال الديكي
سمي هذا المرض بالسعال الديكيqueluche-Co لأن نوبات السعال التي تعتري المريض هي شبيهة، فعلا، بصياح الديك. ومن مميزات نوبات السعال هذه أنها ترهق الطفل إرهاقا شديدا، خاصة إذا كان لا يزال في طور الرضاعة. بل إنها قد تتسبب له في اختناق مفاجئ. كما أن تكرار هذه النوبات قد ينعكس أسوأ انعکاس على الجهاز العصبي. ولكل هذه الأسباب، يلح الأطباء على ضرورة إدخال الطفل المصاب إلى المستشفى، حيث سيخضع لعناية مركزة إلى أن تزول مرحلة الخطر. وخلافا لمرض الحصبة، الذي هو مرض فيروسي، فإن السعال الديكي مرض بكتيري. بمعنى أنه ينجم عن صنف خاص من البكتيريات. وللتلقيح أهمية كبرى في الوقاية من هذا الداء.
3. الخناق الغشائي
تتسم أعراض الخناق الغشائي Diphtetrie المرحلة المبكرة من المرض، بكونها شبيهة إلى حد ما بأعراض التهاب اللوزتين. لكن شتان ما بين هذا وذاك. فالبكتيريا المسببة للخناق الغشائي تفرز مادة سامة، يسميها الأطباء السمين Toxine. وقد يصاب القلب بضرر شدیا۔ من جراء هذه السمين. وكذلك العضلات، التي تصير معرضة للشلل تحت تأثير هذه المادة السامة, لكن لماذا سمي هذا المرض بالخناق الغشائي؟ إن هذه التسمية تعود إلى تلك الأغشية التي تکسو اللوزتين، والتي تعوق التنفس الطبيعي لدى المصاب بهذا الداء. ويستوجب الخناق الغشائي رعاية طبية مكثفة، في مستشفى يتوفر على كافة التجهيزات الضرورية. ومثلما هو الشأن بالنسبة إلى الحصبة والسعال الديكي، فإن الطريقة الأمثل للوقاية من داء الخناق الغشائي تتجلى في تلقيح الطفل، في الوقت المناسب، وحسب جدول التلقيحات المعمول به في جل البلدان.
4. النكاف
يندرج مرض النكاف Oreillons ضمن الأمراض الشائعة، خاصة خلال الطفولة الأولى. ويشعر الطفل، في البداية، بألم تحت الأذنين ، أي في المنطقة التي توجد بها الغدتان النكفيتان ذلك أن مرض النكاف يتمثل، تحديدا، في التهاب هاتين الغدتين. وهو التهاب يتسبب فيه نوع خاص من الفيروسات. وسرعان ما تتورم هاتان الغدتان، فیکتسی وجه الطفل مظهرا يبعث على القلق. ورغم ذلك، فإن النكاف مرض حمید، في معظم الحالات. والمشكل الوحيد الذي يطرحه هذا الداء هو أنه قد يؤدي - إن هو أصاب شخصا مراهقا أو بالغا - إلى التهاب في الخصيتين. وهو التهاب قد يتسبب في العقم. أما بالنسبة للأطفال الذين هم دون سن المراهقة، فإن مرض النكاف لا يعرضهم لأي نوع من المضاعفات. و يوجد في الوقت الراهن ، لقاح فعال ضد هذا المرض.
5. الإحمرار
في العديد من الحالات، يصاب الطفل بمرض الحميراء Rubcole دون أن ينتبه أحد إلى الأمر. ذلك أن أعراضه طفيفة. وهي تتلخص في طفح جلدي خفيف وعابر، مع ارتفاع بسيط في درجة الحرارة. إنه، إذن، مرض حمید، لا ضرر منه على الطفل. والضرر، كل الضرر، هو ذلك الذي يترتب عن إصابة المرأة الحامل بهذا الداء. ففي هذه الحالة، يستطيع فيروس الحميراء أن ينتقل من الأم إلى الجنين، عن طريق المشيمة. وعندئذ هذا الجنين معرضا لتشوهات خلقية.وبطبيعة الحال، فإن المرأة التي أصيبت بهذ المرض في طفولتها لن تصاب به من جديد في سن الرشد. إذ إن المناعة التي يكتسبها الإنسان بعد إصابته بالحميراء تستمر العمر كله. وينصح الأطباء، في الوقت الراهن، بالتلقيح ضد هذا المرض في سن الطفولة، أو حتى في سن الرشد ، بالنسبة إلى النساء اللواتي هن في سن الإنجاب.
6. الحمى القرمزية
تتمثل الأعراض الرئيسية للحمى القرمزية Scarlatine في طفح جلدي ، على هيئة بقع حمراء، مع ارتفاع ملحوظ في درجة الحرارة. وتظهر هذه الأعراض بعد مرور بضعة أيام على إصابة الطفل بالتهاب حاد في اللوزتين. وشيئا فشيئا، تتيبس البقع لتتحول إلى «قشور » سطحية. وتتطلب الحمى القرمزية علاجا سريعا وفعالا ، حتى لا يتطور الأمر نحو المضاعفات القلبية و الكلوية التي تتربص بالطفل المريض.
7. الجديري (أو جدري الماء)
إن الجديري (أو جدري الماء) Varicello يندرج ضمن الأمراض الفيروسية، الشديدة العدوی. وهو مرض حمید، تتلخص أعراضه في ظهور حويصلات جلدية صغيرة، خصوصا على مستوى الجذع، وهي حويصلات تحتوي على سائل عديم اللون. ويشعر الطفل برغبة شديدة في الحك. الأمر الذي يعرضه لبعض الإعفانات الجلدية. ولا ترتفع درجة الحرارة إلا قليلا. أما العلاج فهو يرمي، بالأساس، إلى التخفيف من الحكة الجلدية، تلافيا للإعفان الذي قد ينجم عنها . ويتطور الجديري، تلقائيا، نحو الشفاء في ظرف زمني لا يتعدى عشرة أيام.
II. أمراض أخرى.
الكزاز: لا يزال مرض الكزاز Tetanos، في عصرنا هذا، يؤدي إلى عدد كبير من الوفيات، خصوصا في بلدان العالم الثالث. والكزاز مرض بكتيري ، تتسبب فيه عصية بكتيرية قادرة على «الصمود» حتى في الظروف المناخية القاسية. بمعنى أنها قد تعيش طويلا في التربة، أو في أي مكان، في انتظار ظروف أفضل وتنفذ هذه العصية البكتيرية إلى جسم الإنسان إذا ما جرح هذا الأخير بشيء صدئ على سبيل المثال. غير أنه لا ينبغي الاعتقاد بأن الأشياء الصدئة وحدها قد تتسبب في داء الكزاز. إذ أن هذا الأخير قد ينجم حتى عن نفاذ شوكة إلى الجلد ! ويتميز هذا المرض بحدوث تقلصات عضلية شديدة. وأكثر هذه التقلصات خطورة هي تلك التي تصيب العضلات التنفسية. ويمكن التلقيح من وقاية شديدة الفعالية من هذا المرض الوبيل، الذي يتهدد الكبار و الصغار على حد سواء.
الجدري: يعتبر مرض الجدري Variole مثالا ساطعا على نجاعة الطب الحديث. فقد أعلنت منظمة الصحة العالمية، سنة 1980، أنه قد تم القضاء نهائيا على هذا المرض الوبيل، الذي كان يمثل کابوسا حقيقيا بالنسبة للبشرية. أما آخر حالة جدري فقد تمت معاينتها، سنة 1977، بالصومال. وبطبيعة الحال، لم تعد ثمة من حاجة إلى التلقيح ضد هذا الداء.
III. الوقاية من أمراض الطفولة.
إن الطفل لا يتعرض فقط للأمراض التي ذكرناها آنفا. فهو قد يصاب، كذلك، بالتهابات أو بإعفانات مختلفة، على مستوى الجهاز التنفسي أو الجهاز الهضمي، إلى غير ذلك. غیر أن من خصائص جل الأمراض التي تم الحديث عنها سابقا أنها لا تصيب الإنسان سوى مرة في العمر، وهكذا فإن المرء لا يصاب مرتين في حياته بالحصبة أو بالسعال الديكي أو الخناق الغشائي أو النكاف أو الحميراء أو الجديري. (في حين أن الكزاز، مثلا، قد يصيب نفس الشخص مرتين أو أكثر، في غياب الشروط الوقائية).
أما السبب الذي يجعل الإنسان لا يصاب سوى مرة واحدة في العمر ببعض الأمراض، فهوةيكمن في الذاكرة المناعية. ذلك أن الجهاز المناعي للجسم يحتفظ في «أرشيفاته» - إن جاز التعبير- بكافة المعطيات المتعلقة ببعض الفيروسات أو البكتيريات التي سبق لها أن هاجمته فيما مضى. وبالتالي، فإنه ما أن يتعرف إليها حتى يتصدى لها فورا، ليمنعها من إيذاء الجسم مرة ثانية. وعلى هذا المبدأ بالذات ترتكز تقنية التلقيح. إذ يتم حقن الطفل بجراثيم ميتة أو واهنة على نحو لا تستطيع معه ان تتسبب في المرض، ومع ذلك فإن الجهاز المناعي سوف يحتفظ في «ذاكرته» بأنواع وخصائص هذه الجراثيم. الأمر الذي يجعله قادرا على التصدي لمثيلاتها في مقبل الأيام.
وقد لعبت تقنية التلقيح دورا عظيم الأهمية في محاربة أمراض إعفانية ذات خطورة. وفي أغلب بلدان العالم صار التلقيح إجباريا فيما يتعلق بالأمراض التالية: السل، الخناق الغشائي، الكزاز، السعال الديكي، شلل الأطفال. كما ينصح الأطباء بإجراء التلقيح ضد الحصبة والحميراء والنكاف في مرحلة مبكرة، نسبيا، من الحياة. وتتم التلقيحات حسب جدول زمني محدد، مع العلم أن الإخلال بمواعيد الحقن قد يجعل التلقيح عديم الفعالية.